تعتبر مياه سد كفرنجه في شمال الأردن مصدرًا هامًا للمياه السطحية، وتمثل أهمية كبيرة للمجتمعات المحلية. تم إجراء دراسة حديثة لتقييم جودة هذه المياه من النواحي الفيزيائية والكيميائية خلال مواسم الصيف والشتاء لعام 2019.
تعاني العديد من البلدان في العالم اليوم من تحديات كبيرة في مجال ندرة المياه، ومن بين هذه الدول تبرز المملكة الأردنية الهاشمية كواحدة من الأمثلة البارزة. إذ يشكل النقص الحاد في موارد المياه في الأردن تحدًا متزايد الصعوبة يعاني منه سكانها، حيث تتجاوز معدلات استهلاك المياه الفردية السنوية في البلاد أقل من 100 متر مكعب سنويًا، ما يقل بكثير عن الحد الدولي لخط الفقر المائي البالغ 500 متر مكعب سنويًا للفرد [وزارة المياه والري الأردنية، 2017].
وتزيد هذه التحديات عندما نأخذ في الاعتبار أن استخدامات الموارد المائية المتاحة في البلاد من المتوقع أن تزيد بنسبة تصل إلى 60% بحلول عام 2025، مما يزيد من الضغط على هذه الموارد ويزيد من حدة الأزمة المائية [وزارة المياه والري الأردنية، 2016]. وعليه، يصبح من الضروري أن نتناول هذا الوضع الحالي الذي تمر به الأردن والعوامل التي ساهمت في تفاقمه.
إضافةً إلى ذلك، تجدر الإشارة إلى أن الأردن هو بلد ذو مناخ جاف وشبه جاف، حيث تصنف نسبة 90% من أراضيه كأراضي جافة، وتتنوع مناخاته ما بين المناطق الصحراوية إلى المناطق الشمالية والغربية عالية الأرتفاعات التي تشهد مناخاً متوسطاً ومناطق الأغوار التي تتميز بمناخ شبه استوائي. تتراوح الأمطار السنوية الإجمالية بين 100 ملم في الصحارى الجنوبية الشرقية و600 ملم في المرتفعات الشمالية، مع أن أكثر من 91% من البلاد تتلقى أقل من 200 ملم من الأمطار [فرينكن، 2009؛ وزارة البيئة والمياه والبيئة والأمم المتحدة للتنمية، 2014].
ما هو سد كفرنجه .
وادي كفرنجة، أو ما يُعرف أيضًا بوادي عجلون، هو وادٍ يمتد بين منطقتي كفرنجة وعجلون في شمال الأردن، حيث يتدفق إليها مياه الأمطار والينابيع من مناطق عجلون وكفرنجة وتصب في نهر الأردن. في عام 2011، قررت الحكومة الأردنية بناء سد في هذا الوادي وسُمي بسد كفرنجة. باشرت هيئة وادي الأردن في وزارة المياه والري الأردنية (MWI) ببناء السد في هذا الوادي لجمع مياه الينابيع والأمطار في منطقة تجميع تقدر بحوالي 99 كيلومتر مربع في مدينة عجلون شمال الأردن، حيث تبلغ معدلات الهطول السنوي حوالي 600 ملم. وفي عام 2016، تم الانتهاء من بناء سد كفرنجة. يقع السد على بعد 70 كيلومترًا إلى الشمال الغربي من العاصمة الأردنية عمان.
تصميم سد كفرنجه .
تم تصميم سد كفرنجة كسد خرساني ذو واجهة من الصخور المملوءة بالخرسانة، وهو الأول من نوعه في الأردن. يبلغ ارتفاع السد حوالي 80.5 متر وطوله حوالي 275 مترًا، ويتميز بسعة تخزين تقدر بحوالي 7.8 مليون متر مكعب. تصنف منطقة التجميع الجوي لسد كفرنجة مناخ البحر الأبيض المتوسط مع صيف حار وشتاء نسبياً معتدل ورطب. تتميز الأراضي المحيطة بالسد بتضاريس متموجة عموماً مع امتداد المنحدرات باتجاه الغرب. وتشمل الموارد المائية الرئيسية للسد الهطول المطري ومياه الينابيع التي تتدفق من منطقة تجميع حوض كفرنجة.
بُني السد لاستقبال التدفقات القاعدية والفيضانية من وادي كفرنجة. علاوةً على ذلك، يستقبل السد مياه الصرف الصحي من محطة معالجة مياه كفرنجة. تُخطط لاستخدام مياه السد بشكل رئيسي لأغراض الشرب والري، بالإضافة إلى إعادة تعبئة مياه الجوف.
كيف تم بناء الدراسة حول مياه سد كفرنجه ؟
تم دراسة تسعة مواقع لأخذ العينات (من الموقع 1 إلى الموقع 9) في سد كفرنجة خلال فصلي الصيف والشتاء في عام 2019. تمت عمليات الأخذ والتحليل بما يتضمن دراسة العوامل الفيزيائية والكيميائية لجودة المياه في هذا السد.
الجوانب الفيزيائية لجودة المياه.
تم تحليل العينات لعدة معلمات فيزيائية مثل درجة الحرارة، ودرجة الحموضة (pH)، والأكسجين المذاب، والتوصيلية الكهربائية. توجد توزيعات مشابهة لمعظم هذه المعلمات على طول السد، مع أعلى تراكيز تسجل في المنطقة القريبة من مدخل السد.
الجوانب الكيميائية لجودة المياه
تم أيضًا تحليل محتوى المعادن الرئيسية والأنيونات الرئيسية والمعادن الثقيلة في المياه. النتائج تشير إلى أن معظم هذه المعلمات تتجاوز الحدود القصوى المسموح بها وفقًا لمعايير الأردن والمعايير الدولية للاستخدام في الشرب والري، باستثناء توصيلية الكهربائية (EC) التي تتجاوز معايير منظمة الصحة العالمية.
مؤشر جودة المياه (WQI).
استخدم مؤشر جودة المياه لتقدير صلاحية مياه سد كفرنجة للشرب. أظهرت النتائج أن هذه المياه غير مناسبة كيميائيًا للاستخدام في الشرب وتحتاج إلى معالجة مناسبة قبل الاستخدام.
صلاحية المياه للري.
من ناحية أخرى، أشارت مؤشرات الري مثل نسبة الصوديوم (Na%) ونسبة الكبريت (SAR) ونسبة الأمونيوم (MH) إلى أن مياه سد كفرنجة مناسبة كيميائيًا للاستخدام في الري. أظهرت النتائج أيضًا أن هذه المياه تندرج تحت فئات الجيدة إلى المسموح بها للاستخدام في الري وذلك وفقًا لمخطط USSL.
توصيات واستنتاجات.
بناءً على النتائج المقدمة في هذه الدراسة، يمكن القول أن مياه سد كفرنجة قد تكون مناسبة للاستخدام في الري بشكل عام، ولكن يجب مراعاة تحمل الأراضي للملوحة. يُفضل زراعة المحاصيل ذات التحمل الجيد للملوحة. أما بالنسبة للاستخدام في الشرب، فيجب أن تتم معالجة المياه بشكل مناسب للامتثال للمعايير الصحية.
ملخص الدراسة والإجابة على السؤال.
- الدراسة أُجريت على سد كفرنجة في شمال الأردن، والذي تم بناؤه مؤخرًا لاستخدام مياهه في الشرب والري وتخفيف الضغط على إمدادات المياه في المنطقة الشمالية.
- هدفت الدراسة إلى تحديد جودة مياه السد، والبحث عن مصادر التلوث المحتملة، وتقييم صلاحية مياه السد لاستخدامات مختلفة.
- أظهرت نتائج الدراسة أن معظم المعلمات الفيزيائية والكيميائية لمياه السد تظهر اتجاهًا مماثلًا من حيث التوزيع المكاني، حيث تم ملاحظة أعلى تراكيزها في المواقع القريبة من مدخل السد، بينما سجلت أدنى تراكيزها في المواقع القريبة من نهاية السد.
- يعزى هذا التوزيع إلى تدفقات طبيعية من مناطق التجميع المحيطة، مثل منتجات تفتت الصخور وتآكل التربة، بالإضافة إلى الأنشطة الزراعية ومياه الصرف الصحي التي تدخل السد عبر وادي كفرنجة.
- تم تسجيل أعلى تراكيز للتوصيلية الكهربائية (EC) والكالسيوم والمغنيسيوم وكربونات الهيدروجين ونترات خلال فصل الشتاء، وهذا يمكن أن يُرجع إلى منتجات تفتت الصخور وانحلالها وتآكل التربة أثناء الموسم الممطر.
- تم تسجيل أعلى تراكيز للصوديوم والبوتاسيوم والكلور والكبريت خلال فصل الصيف، وهذا يمكن أن يُرتبط بمعدل التبخر العالي وترسيب الكربونات والأنشطة الزراعية والنفايات الحيوانية في وادي كفرنجة.
- جميع المعلمات الفيزيائية والكيميائية المدروسة والمعادن الثقيلة في مياه سد كفرنجة تتوافق مع المعايير المنشورة من قبل الجهات الرسمية المعنية بالمياه في الأردن ومنظمة الصحة العالمية لمياه الشرب، وكذلك لمياه الري.
- تم حساب مؤشر جودة المياه (WQI) باستخدام طريقة الفهم الحسابي المرجح، وأشارت النتائج إلى أن جودة مياه السطح في سد كفرنجة تتراوح بين سيئة جدًا للشرب خلال فصل الصيف وسيئة للشرب خلال فصل الشتاء، ولكن تظل مناسبة لأغراض أخرى.
خاتمة.
تُظهر نتائج هذه الدراسة أهمية سد كفرنجة في تلبية احتياجات المياه في شمال الأردن، وتؤكد على أن مياه السد تتوافق مع المعايير الدولية والوطنية لجودة المياه، مع استثناء توصيلية الكهرباء (EC) التي تتجاوز معايير منظمة الصحة العالمية للشرب. يُظهر العمل الدؤوب الذي تم إجراؤه لبناء هذا السد وتأمين مصادر المياه وإدارتها بفعالية.
إن تحديات ندرة المياه في الأردن لا تزال مستمرة وتتطلب جهودًا مستدامة للتصدي لها. يجب أن تكون الاستفادة الأمثل من مياه سد كفرنجة والموارد المائية الأخرى في المنطقة محورًا للتخفيف من الضغط على إمدادات المياه وتلبية احتياجات السكان المتزايدة. بالإضافة إلى ذلك، يجب مواصلة الجهود المستدامة لمراقبة جودة المياه والتأكد من توافقها مع المعايير البيئية والصحية.
في النهاية، يجب أن تُعزز الإدارة المستدامة للموارد المائية في الأردن بمشاركة فاعلة من قبل الحكومة والمجتمع المحلي، وتعزيز الوعي بأهمية حفظ واستدامة المياه كمورد استراتيجي حيوي. إن تحسين جودة المياه وتطوير إجراءات الصرف والتنقية يمكن أن يساهمان في تحقيق استدامة موارد المياه في هذا البلد الجميل والمهم.
مصادر